درعا تحت السيطرة

يشن الجيش السوري مدعوماً من ميليشيات مؤيدة هجوماً ممنهجاً على جنوب غرب البلاد لتصفية المعارضة وإخضاع محافظة درعا لسيطرة حكومة دمشق على غرار الغوطة الشرقية وقبلها حلب، فيما أوقفت الأمم المتحدة قوافل المساعدات للمنطقة.

أعلنت الأمم المتحدة الخميس أنها أوقفت قوافلها الإنسانية التي تعبر الحدود من الأردن إلى محافظة درعا الجنوبية في سوريا بسبب المعارك الدائرة هناك. وقال رئيس مجموعة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في سوريا، يان إيغلاند، للصحافة في جنيف إن “طريق الإمدادات من الحدود الأردنية، الشديد الفعالية حتى الآن، قد توقف بسبب المعارك في الأيام الأخيرة”، موضحاً أنه “لم يتم إرسال قوافل عبر الحدود منذ 26 يونيو”. وأكد إيغلاند أن “شدة المعارك أدت إلى عدم وجود اتفاق لضمان مرور آمن للقوافل”، داعياً “الجهات المسلحة إلى تقديم هذه الضمانات. عندئذ تستأنف القوافل عملها”.

يذكر أن قوات النظام حققت اختراقاً استراتيجياً بمواجهة الفصائل المعارضة في محافظة درعا، حيث دفعت أعمال العنف 50 ألف مدني إلى الفرار، كما قال إيغلاند. يعتبر هذا النزوح غير مسبوق في هذه المنطقة منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011.

وعلى غرار نهج النظام السوري والقوى المساندة له في تصفية المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، كثفت قوات الأسد هجماتها على المنطقة الواقعة بجنوب غرب سوريا والمتاخمة للحدود الأردنية والقريبة جداً من هضبة الجولان بشكل غير مسبوق منذ سبع سنوات.

وأوضح إيغلاند: “إنه لأمر محزن لأنها منطقة كان الناس يشعرون فيها بالأمان حتى قبل عشرة أيام فقط”. وأضاف أنه “في يوليو من العام الماضي، رحبنا برغبة روسيا والولايات المتحدة والأردن في جعل هذه المنطقة بمنأى عن التصعيد أمراً ممكناً. الآن، لم يعد هناك حماية. فقط الحرب”، مناشداً الدول الثلاث إنهاء المعارك. وتابع: “لا يمكن أن ندع الحرب تصل إلى منطقة تضم 750 ألف مدني”.

ويحاول معظم المدنيين الذين يفرون من المعارك اللجوء قرب الحدود مع الأردن. لكن عمّان كررت موقفها القاضي بإبقاء حدودها مغلقة منذ 2016 وعدم استقبال مزيد من اللاجئين، ما يثير خشية المنظمات الدولية من أزمة إنسانية جديدة. وقال إيغلاند: “نحض الأردن على فتح حدوده”.

من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومعارضون مسلحون أن القصف الجوي يومي الأربعاء والخميس ضاعف حصيلة قتلى هجوم الجيش السوري المستمر منذ 10 أيام على المعارضة في جنوب غرب البلاد. وأضاف المرصد أن القصف الجوي أودى بحياة ما لا يقل عن 46 شخصاً في هذين اليومين في مناطق تسيطر عليها المعارضة في محافظة درعا.

وأضاف أن القتلى كان بينهم 17 شخصاً منهم خمسة أطفال كانوا يحتمون في الدور السفلي بأحد المباني في بلدة المسيفرة. وقال المصدر إن 93 شخصاً قتلوا منذ بدء الهجوم الأسبوع الماضي. وأشار المرصد، الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، ومصدران بالمعارضة إلى أن طائرات قصفت بصرى الشام ونوى ورخم وبلدات أخرى في المحافظة.

ويمثل القتال الدائر في جنوب غرب سوريا حساسية للأردن وإسرائيل، إلا أن القصف لم يركز حتى الآن على الأراضي القريبة جداً من هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. فالمنطقة بجنوب غرب سوريا يشملها اتفاق خفض التصعيد الذي أبرمته في العام الماضي الولايات المتحدة والأردن وروسيا، الحليفة الوثيقة للرئيس السوري بشار الأسد.

ويبدو أن نهج نظام الأسد المتمثل في مهادنة المعارضة لفترة زمنية وتوقيع اتفاقات منع التصعيد ومن ثم شن الهجمات المباغتة لبسط سيطرتها عليها باتت تؤتي أكلها، فبعد تصفية مناطق المعارضة في حلب، انتقل الدور إلى الغوطة الشرقية، والآن تليها على ما يبدو محافظة درعا، وربما تلحقها فيما بعد محافظة إدلب.

من جانبها، حذرت واشنطن أنها سترد على انتهاك الاتفاق. لكنها لم تظهر أي بادرة حتى الآن على ذلك. ولم يصدر تعليق فوري من دمشق أو موسكو، اللتين تقولان إنهما لا تستهدفان سوى المتشددين المسلحين في الصراع الدائر منذ سبع سنوات.

وتقول الأمم المتحدة إن الهجوم شرّد ما لا يقل عن 45 ألف مدني. وقال الأردن، الذي يأوي بالفعل أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مسجل رسمياً، إنه لن يفتح الحدود لاستقبال المزيد من اللاجئين.

في غضون ذلك، قالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية الخميس إن الجيش السوري سيطر على مدينة الحراك في جنوب غرب البلاد بعد معارك عنيفة شهدتها البلدة شاركت فيها إلى جانب قوات النظام السوري ميليشيات مدعومة من إيران بالإضافة غلى دعم جوي روسي مكثف.