الرئيسية / أهم الأخبار / أخبار عالمية / مواجهة اسرائيل لايران تضع العرب فى ازمة

مواجهة اسرائيل لايران تضع العرب فى ازمة

مع تنامي المخاوف من تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل والخشية من انتقالها إلى خارج الأراضي السورية، تواجه الدول العربية مأزقا. فهل تتضامن مع إسرائيل في مواجهة إيران؟ وهل يتسق ذلك مع موقفها من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؟

مع التصعيد السياسي والعسكري الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، وجدت الدول العربية نفسها في مأزق. فدول الخليج ترى في إيران إما خطراً استراتيجياً أو دينياً أو أن طموحاتها تتعارض مع طموحات طهران في لعب أدوار أكبر في المشهد الإقليمي. هذه الرؤية تعني بشكل ما التحرك في مساحة واسعة من المواقف السياسية حيال إسرائيل، بدءاً من غض الطرف عما يحدث بينها وبين إيران على أرض سوريا وربما لبنان أيضاً، مروراً ببعض التصريحات التي قد تبدو معبرة عن مواقف معتدلة، وانتهاء بالتماهي الكامل مع الموقف الإسرائيلي.

لكن هذه المواقف التي تتخذها كثير من الدول العربية حيال الأزمة بين إيران وإسرائيل تتعارض مع مواقفها “المؤيدة أو المساندة” للقضية الفلسطينية، فكيف يمكن لهذه الدول أن تساند إسرائيل في حربها ضد إيران التي تعتبرها هي أيضاً عدواً رئيسياً لها، في حين تنتقد التصرفات الإسرائيلية حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

إيران وإسرائيل.. عدو عدوي صديقي؟
لاينكر أحد تصاعد المخاوف الخليجية من الطموحات الإيرانية المتنامية في شتى المجالات سياسيا وعسكريا ومذهبياً، لكن هل يعني العداء لإيران الوقوف في خندق واحد مع إسرائيل؟ إن كان ذلك كذلك، فأين موضع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الأزمة؟

الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام السابق للمبادرة الوطنية الفلسطينية قال خلال مقابلة مع DW عربية “إننا أمام محاولة لإحلال إيران كعدو للعرب بدلاً من إسرائيل”، ووصف البرغوثي هذه المحاولة بأنها “محاولة فاشلة وخاطئة وفي غير مكانها”، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك خلافات بين إيران ودول الخليج العربي فيجب أن تحل بطرق سلمية وبحوار بناء “لأن الأزمة بين العرب وإسرائيل مختلفة” سواء من حيث رفض إسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني بجانب محاولاتها المستمرة للهيمنة على العالم العربي.

وقال البرغوثي إن “المقارنة نفسها غير جائزة فإسرائيل دولة نووية بعكس إيران و الخلاف العربي الإيراني من السهل حله ولا يجوز وضعه في موضع التناقض التناحري كما هو الحال بين العرب وإسرائيل”

لكن الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يرى الأمر من منظور مختلف، حيث قال خلال مقابلة مع DW عربية إن “ما يحدث اليوم هو نتاج وضع الآخرين الرؤية الاستراتيجية للعرب وفرضها عليهم وبالتالي كانت النتيجة تغريدة وزير الخارجية البحريني”:

وأضاف أن على الدول العربية أن تتفق سوياً على رؤية استراتيجية موحدة يحدد فيها موضع إسرائيل وموضع إيران، “فمع كل الخلاف مع إيران فهي ليست مصدر التهديد الاستراتيجي الأول والمباشر والقائم وإنما هي خطر محتمل لكن الدعاية الأمريكية تحاول أن تصور للعالم العربي عكس ذلك وللأسف هم استجابوا لذلك على اعتبار أن إسرائيل تقف معهم في نفس الخندق ضد إيران”، مضيفاً أن هذا يأتي في إطار إنهاء القضية الفلسطينية باستخدام الفزاعة الإيرانية.

ويضيف عبد الفتاح أن أمريكا واسرائيل تريدان إنهاء فكرة الصراع العربي الإسرائيلي وتحويله إلى صراع عربي-إيراني أو سني- شيعي وتحت مظلة هذا التصدير الجديد يتم تمرير صفقة القرن وتذويب “القضية الفلسطينية” في هذا الإطار وهذا يحدث لأن العرب تركوا مسالة تحديد أولوياتهم الاستراتيجية للأخرين وفي الحقيقة فإيران وإسرائيل كلاهما يمثل تهديداً للعرب فهما تحتلان إراضٍ عربية وإسرائيل دولة نووية ولديها أسلحة استراتيجية وإيران نسعى لحيازة السلاح النووي بما لديها من تقنيات أي أن إيران هي تهديد محتمل أما اسرائيل فتهديد قائم بالفعل”.

إيران مقابل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية كان قد أكد في تصريحات سابقة أن “الزعماء العرب ليسوا العقبة أمام توسع علاقات إسرائيل من خلال السلام، وإنما الرأي العام العربي بسبب تعرضه خلال سنوات طويلة لغسل دماغ تمثل بعرض صورة خاطئة عن دولة إسرائيل”.

هذه التصريحات تبدو متسقة مع نتائج استطلاع قام به مشروع مؤشر الرأي العام العربي ومقره قطر، حيث قال محمد المصري منسق المشروع إن الرأي العامّ العربي متوافق بما يقترب من الإجماع، بنسبة 90%، على أن سياسات إسرائيل تهدّد أمن المنطقة العربية واستقرارها.

ولعل من دلائل الاختلاف بين الموقفين الرسمي والشعبي في العالم العربي الغضب الذي أثارته تغريدة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد حول حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وتمثل الغضب في تدشين وسم بعنوان #خالد_بن_أحمد_لا_يمثلني.

أمر مشابه حدث في مصر بعد قيام السفارة الإسرائيلية في القاهرة بإقامة حفل بأحد الفنادق المطلة على النيل في ذكرى إعلان دولة قيام دولة إسرائيل والترحيب الإسرائيلي بانضمام ولي العهد السعودي للمحور المصري الإسرائيلي وهو ما واجه غضباً شعبياً كبيراً ما زالت أصداؤه تتردد حتى الآن:

ويرى كثيرون أن الاهتمام بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية على حساب تعاظم المخاوف من التمدد الإيراني في المنطقة، وذهب البعض إلى القول بأن الدول العربية ستقبل بالتضحية بـ “القضية الفلسطينية” في سبيل كسر الشوكة الإيرانية.

هذا الطرح يرفضه الدكتور مصطفى البرغوثي فيقول: “هذا أمر مستبعد تماماً، فالتضحية بالقضية الفلسطينية من جانب العرب ستعد خيانة وأي تطبيع مع إسرائيل دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني لايمكن أن يكون مقبولاً بأي حال من الأحوال”. وقال إن الشعوب العربية تقف مع الشعب الفلسطيني وهذا أمر لايوجد خلاف حوله ولايمكن لأحد أن يقنع الشعوب العربية بعكس ذلك و أن “هذا ما أفشل خطط تطبيع العلاقات مع الدول العربية إلى اليوم”.

إيران.. فزاعة أمريكية لدول المنطقة؟

أما الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فيرى أنه “حتى إذا ما تمت التضحية بالقضية الفلسطينية في إطار تسوية زائفة غير عادلة فلن يترك الغرب للدول العربية الفرصة للاستمتاع بانتهاء التهديد الإيراني” مشيراً إلى أن أمريكا ستعمل على إبقاء وجود إيران كخطر مستمر يتهدد الدول العربية وهو نوع من التهديد الابتزازي لدول المنطقة في مقابل تمرير المسألة الفلسطينية مضيفاً أن الحكومات قد توقع وتقبل وتمرر صفقات لكن في نهاية المطاف الشعوب قد يكون لها رأي آخر يغير من المعادلة.

لكن الواقع يؤكد أن الكثير من الدول العربية لاترى في إسرائيل تهديداً حقيقياً على استقرارها بعكس إيران التي وضعت في المرتبة الأولى وذلك تزامناً مع إبداء الكثير من الدول العربية قبولا “شبه ضمني” لما يسمى باتفاقية القرن وتراجع القضية الفلسطينية لخلفية المشهد بحسب ما يرى الدكتور بشير عبد الفتاح، والذي اختتم حديثه لـ DW عربية بالقول إن على العرب توخي الحذر، لأنه لايمكن لأمريكا التضحية بالفزاعة الإيرانية “وبالتالي فإن القضاء على الشوكة الإيرانية تماماً أمر مستبعد لكن ما يحدث هو محاولات لتحجيم القوة الإيرانية واسترضاء للدول العربية مرحلياً للحصول منها على أكبر قدر من المكاسب”.