وصلت التهديدات الأمريكية والغربية إلى مستوى غير مسبوق في سوريا بعد هجوم مزعوم بسلاح كيماوي في بلدة دوما بالغوطة الشرقية على مشارف العاصمة السورية. واتهمت الولايات المتحدة ودول غربية وفصائل معارضة القوات الحكومية بشن الهجوم المزعوم، وهو ما تنفيه دمشق بشدة.
وبلغت التهديدات ذروتها في تغريدة للرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي رد على تصريحات روسية بأنها ستواجه أية هجمات ضد سوريا أياً كان مصدرها. وقال ترامب إن على روسيا الاستعداد لمواجهة الصواريخ الأمريكية.
وكان سفير روسيا في لبنان قد قال إن أي صاروخ أمريكي يطلق على سوريا سوف يُسقط، وسوف تُستهدف مواقع إطلاقه. وأضاف السفير الروسي، ألكسندر زاسبكين، في تعليقات بُثت مساء إنه يشير بذلك إلى ما قاله الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس أركان القوات المسلحة الروسية.
وكان الجيش الروسي قد قال في 13 مارس إنه سيرد على أي ضربة تشنها الولايات المتحدة على سوريا، مستهدفاً أي صواريخ ومنصات إطلاق ضالعة في أي هجوم كهذا.
ورصدت صور أقمار صناعية تحركات أمريكية قبالة سواحل سوريا حيث شوهدت طائرة استطلاع بحري أمريكية فوق البحر المتوسط، وهي من طراز “بوينج بيه-8 بوسيدون”. وهذه الطائرة قادرة على القيام بمهام الحرب المضادة للغواصات وللسطح، إلى جانب قدرتها على رصد الغواصات، بحسب شبكة سكاي نيوز.
وأظهرت خريطة نشرتها الشبكة الإخبارية الطائرة بعد وصولها فوق المتوسط قبالة سوريا، بعدما انطلقت من مقاطعة سيراكوس، الواقعة في جنوب شرق جزيرة صقلية الإيطالية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، إن القوات السورية أفرغت المطارات الرئيسية والقواعد العسكرية تحسبا لضربات أمريكية. كما أعلن الجيش الروسي أنه يراقب الوضع في سوريا عن كثب، وأنه رصد تحركات للبحرية الأمريكية في الخليج.
ووصفت سوريا تهديدات ترامب بإطلاق صواريخ على أراضيها بأنها “تصعيد طائش”، حسب وكالة الأنباء السورية (سانا). ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية قوله: “لم نُفاجأ بمثل هذا التصعيد الطائش من جانب نظام مثل الولايات المتحدة التي عززت ولا زالت تعزز الإرهاب في سوريا”.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن الولايات المتحدة تستخدم الفبركات والأكاذيب كذريعة لاستهداف سوريا.
وذكَر المبعوث الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، بالأجواء التي سبقت الحرب على العراق والغزو الأمريكي لإسقاط صدام حسين. وهو ما أشار إليه أيضًا المبعوث السوري بمجلس الأمن بشار الجعفري، مهددًا بأن دمشق لن تسمح بتكرار ما حدث في العراق.
ورغم تسارع وتيرة الاحداث والتصريحات في الايام الأخيرة، لم تعلن مصر إلى الآن موقفًا رسميًا معلنًا من ضربة أمريكية محتملة قد تزيد المنطقة اشتعالا. ولم يرد المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبوزيد على طلب التعليق.
دائمًا ما تدعو مصر إلى الحل السياسي في سوريا الذي يبقى الرئيس السوري جزءاً منه بحكم التطورات على الأرض، وذلك من أجل عدم حدوث فجوة في السلطة ومزيد من التوترات بين الشعب السوري، ومن أهم المواقف المصرية أيضًا كان العمل على ألا يحدث تقسيم أو إعادة تقسيم للحدود في البلاد.
ويقول اللواء سيد غنيم، الأستاذ المحاضر بأكاديمية دفاع حلف الناتو، إن الموقف المصري من الوضع في سوريا معلن وصريح وهو مؤيد لاستقرار الأوضاع وعدم تطورها إلى أمور أخطر.
وأضاف غنيم في اتصال هاتفي مع “مصراوي” أن مصر سيكون موقفها مشابهاً لما حدث قبل عام حينما قصفت واشنطن مطار الشعيرات السوري بعد مزاعم عن هجوم كيماوي في مدينة خان شيخون، مشيرًا إلى أنه سيكون إدانة لأي قصف قد يحدث.
كانت وزارة الخارجية المصرية قد أصدرت بيانها بعد القصف الأمريكي لمطار الشعيرات في أبريل من العام الماضي، مؤكدة أهمية تجنيب سوريا والشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة حفاظًا على أرواح السوريين.
ولم يلتفت البيان في العام الماضي إلى القصف الأمريكي للمطار السوري، وطالب بضرورة “سرعة العمل على إنهاء الصراع العسكري في سوريا حفاظا على أرواح الشعب السوري الشقيق ومقدراته، وذلك من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة”.
أضاف غنيم أن هناك نطاقاً حالياً للنفوذ في الشرق الأوسط، وهناك تعمد من القوى العظمى بجعل دور مصر الإقليمي أكثر تركيزًا في شمال إفريقيا وخصوصًا للحفاظ على أمن البحر المتوسط، وجنوب أوروبا، بعد قيامها بدور متوازن وأكثر إثماراً في الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن مصر لا تريد أن تسمح أيضًا بوصول الميليشيات الإسلامية المتشددة إلى السلطة سواء في سوريا أو في المنطقة.
ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد السعيد إدريس، أن الموقف المصري هنا بات شديد الحساسية لأنه في حال مشاركة السعودية والإمارات في الضربة الجوية سترد عليهما روسيا “صديقة أو حليفة مصر المقربة”.
وكان مركز ستراتفور للدراسات البحثية السياسية قد ذكر أن من بين الخطط الأمريكية للضربة ضد سوريا هي أن تكون بمساعدة قطر والإمارات والسعودية.
وقال إدريس إن مصر طالما أكدت أهمية الحفاظ على أمن الخليج، معتبرًا أن ذلك ربما يمثل “معضلة.. فهل ستحارب مصر حليفتها روسيا في هذا الوقت؟”