بين حين وآخر، تتعرض جائزة نوبل للآداب إلى العديد من الانتقادات من نخبة المثقفين والمتابعين لها عقب إعلان الفائز بالجائزة التى تمنحها الأكاديمية السويدية فى كل عام، إلا أن هذه الانتقادات لم تصل بالجائزة إلى قيام عدد من أعضائها بتقديم استقالاتهم، إلا فى حالتين.
بوب ديلان وجائزة نوبل
آخر هذه الأزمات التى تعرضت لها جائزة نوبل للآداب، ولم تصل إلى إعلان أحد أعضائها عن تقديم استقالته، كانت بعد إعلانها منح الموسيقى الأميركى بوب ديلان جائزة نوبل للآداب، وما شهدته منذ هذا الإعلان وحتى خروجه عن صمته الذى دام 17 يوما ليعلن قبوله الجائزة، الأمر الذى دفع أحد أعضاء الجائزة ليصف موقف المغنى الشهير بـ”المتغطرس”.
فى المرات السابقة، كانت الأزمات التى تواجهها الأكاديمية، تتعلق بمن تعلن عن منحها لهم جائزة نوبل للآداب، أما هذه المرة، فإن الأزمة تعدت الانتقادات و”غطرسة” الفائزين بمراحل، لتأت “الطعنة” من الداخل، وتلحق بركب الفضائح الجنسية التى تم الكشف عنها فى الأوساط الفنية، والتى وصلت إلى جائزة الأوسكار.
حركة أنا أيضا تهدد عرض الأكاديمية السويدية المانحة لجوائز نوبل
“انهيار برج بابل”.. و”الأكاديمية المنكوبة”، هكذا وصف أحد المسئولين عن الصفحات الثقافية فى صحيفة “داغنز نيهيتر”، ما تعرضت له الأكاديمية السويدية بـ”الكارثة” بعدما أعلن ثلاثة من الحكماء فى إدارة جائزة نوبل للآداب، بعد تسريبات حركة “أنا أيضا” المناهضة للتحرش الجنسى، التى كشفت عن وجود علاقات وطيدة بين الأكاديمية السويدية، المانحة للجائزة وشخصية من عالم الثقافة متهمة بارتكاب جرائم جنسية، الأمر الذى دفع الأكاديمية إلى فتح تحقيق داخلى.
وما قامت به حركة أنا أيضا، هو أنها كشفت عن علاقات وطيدة بين الأكاديمية وشخصية من عالم الثقافة متهمة بارتكاب جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية من جانب “نساء من أعضاء الأكاديمية أو زوجات لأعضاء فيها أو بناتهم أو من نساء أخريات” وذلك حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
ما كشفت عنه حركة أنا أيضا بحسب صحيفة “داغنز نيهيتر” هو أن هناك شهادات لـ 18 امرأة يؤكدن أنهن تعرضن للعنف وللتحرش من جانب رجل من أصل فرنسى متزوج من الشاعرة والكاتبة المسرحية كاتارينا فروستنسن العضو فى الأكاديمية السويدية.
ما فعلته الأكاديمية السويدية، هى أنها فتحت تحقيقا داخليا فى هذه الأزمة، بعدما أعلنت أنها أنهت علاقاتها مع زوج الشاعرة كاتارينا فروستنس، كما قطعت مساعداتها لدار المعارض والعروض الفنية التى يديرها فى ستوكهولم والتى تشكل مقصدًا للنخب الثقافية السويدية.
وفى نفس السياق، عقدت الأكاديمية السويدية اجتماعا شهد تصويتا على تجديد الثقة فى الكاتبة كاتارينا فروستنسن بعدما تم فضح زوجها، وكانت المفاجأة هى أن عددًا بنسبة كبيرة وافقوا على هذا التجديد، الأمر الذى أثار حفيظة ثلاث حكماء لتقديم استقالتهم، بعدما أثارت الأزمة انقسامًا عميقًا فى أوساط الأدب والشعر فى هذا البلد الإسكندينافى الذي تحوى محفوظاته أسرار نوبل منذ انطلاقة هذه الجائزة العريقة.
وعلى الرغم من أن الأكاديميون الثلاثة يتمتعون بعضوية دائمة، ولا يخول لهم الاستقالة، إلا أن الأمينة الدائمة سارة دانيوس، قالت بأنه سوف يعاد النظر فى القواعد بغية السماح بهذه الخطوة، لافتة إلى أن هذه الاستقالات “محزنة جداً، لكنى أتفهم وجهة نظرهم”، موضحة أنها فكرت شخصياً بالتنحى من منصبها.
أزمة سلمان رشدى وجائزة نوبل
وقبل أزمة التحرش الجنسى والاغتصاب التى هزت أركان الأكاديمية السويدية، وينظر إليها الجميع منتظرين ما سوف تسفر عنه الأيام المقبلة، فإن جائزة نوبل للآداب، سبق وأن شهدت أزمة استقالة 3 حكماء من قبل، وذلك فى عام 1989 بعدما رفضت الأكاديمية إدانة فتوى إيرانية بإهدار دم الكاتب البريطانى سلمان رشدى، لكن الأكاديمية رفضت استقالاتهم.
كما يشار إلى أنه من بين الحكماء الـ18 فى الأكاديمية، فإن ثمة خمسة حكماء لم يعودوا أعضاء ناشطين بعدما أخذت امرأتان، هما كرستين إيكمان ولوتا لوتاس، إجازة من مهماتهما منذ سنوات عدة.