حذر صندوق النقد من 4 مخاطر خارجية رئيسية قد تؤثر على برنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، في الفترة المقبلة، أغلبها تتعلق بتطورات في الأسواق الخارجية.
وقال الصندوق في تقريره عن نتائج المراجعة الثالثة لبرنامج مصر الاقتصادي، الذي صدر يوم الخميس الماضي، إن “المخاطر الخارجية على برنامج مصر تزايدت خلال الشهور الأخيرة”.
وحدد الصندوق أول هذه المخاطر، في تحول تدفقات رأس المال الأجنبي للخارج خلال الشهور الأخيرة، مع تشديد السياسة المالية العالمية وانسحاب المستثمرين من الأسواق الناشئة على نطاق واسع.
وذكرت وكالة رويترز الأسبوع الماضي أن تخارجات الأجانب من سوق الدين في مصر بلغت بين 4 و5 مليارات دولار.
وبحسب ما ذكره وزير المالية، محمد معيط، اليوم لنشرة إنتربرايز، فإن الحكومة تراقب تبعات أزمة الأسواق الناشئة، وتتجه للتفاوض مع جهات تمويل دولية للحصول على قروض ميسرة طويلة الأجل.
وأضاف أن مصر تتحرك سريعا لسد الفجوة التمويلية، لكنها لن تركز على إصدار سندات دولية خلال العام المالي الجاري.
وبحسب الصندوق يتوقع أن تبلغ الفجوة المالية خلال العام المالي الجاري نحو 1 مليار دولار، سيتم تمويلها من السندات الدولية أو من إجمالي الاحتياطات.
وكان بنك استثمار فاروس، توقع في مذكرة بحثية نشرها الأسبوع الماضي، أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية، تراجعت بما يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار في الربع الثاني من العام الجاري، بفعل اتجاه هذه الاستثمارات لتقليل تواجدها في الأسواق الناشئة.
وكانت استثمارات الأجانب في محفظة أذون الخزانة وصلت إلى نحو 23.1 مليار دولار في نهاية مارس الماضي.
وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، لمصراوي، اليوم الأحد، إن “خروج الأجانب من أدوات الدين الحكومية سيؤثر على قرار البنك المركزي، فيما بعد لتحديد سعر الفائدة”.
وتتوقع السويفي أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة على أن يخفضها مع نهاية العام الجاري.
ولكي يبقي البنك المركزي المستثمرين الأجانب في أدوات الدين، عليه أن يبقى الفائدة مرتفعة، أسوة بأغلب الدول الأخرى التي ترفع أسعار الفائدة حاليًا.
وارتفعت عوائد أدوات الدين القصيرة والطويلة الأجل في مصر منذ أبريل الماضي، مع صعود عائد أذون الخزانة لأجل اثني عشر شهرا الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياته منذ يوليو 2017، حينما سجل ذروة عند 21.72%، بحسب ما ذكرته رويترز.
ويتبع البنك المركزي سياسة نقدية تقشفية منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، من أجل كبح معدلات التضخم التي ارتفعت لمعدلات غير مسبوقة خلال العام الماضي، لكنه بدأ منذ بداية العام في تخفيف سياسته نسبيا مع انحسار موجة التضخم.
وأوصى صندوق النقد البنك المركزي بمواصلة اتباع سياسة نقدية تقشفية من أجل استيعاب الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي شملت رفع أسعار الكهرباء والوقود تحسبا لعودة التضخم للارتفاع.
ولا تتوقع رئيسة قسم البحوث ببنك الاستثمار في فاروس، أن يؤثر خروج بعض المستثمرين الأجانب من أدوات الدين المحلية، على سعر الدولار مقابل الجنيه، وقالت “الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، دخلت في حساب خاص ولم تدخل كسيولة دولارية في الجاهز المصرفي أو الاحتياطي النقدي، وبالتالي لن تؤثر كثيرا على سعر الدولار لو خرجت”.
ويقول صندوق النقد إن المستوى المريح من الاحتياطات الأجنبية في مصر، سيساعدها في إدارة أي تخارج سريع لهذه الأموال.
وأضاف أن هذا يزيد من أهمية الحفاظ على إطار سياسات الاقتصاد الكلي، الذي تم تطبيقه بموجب البرنامج الإصلاحي.
وارتفع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 44.258 مليار دولار في نهاية يونيو مقابل 44.139 مليار دولار في نهاية مايو الماضي.
ارتفاع أسعار البترول
وسيشكل ارتفاع أسعار البترول العالمية ضغطًًا على الموازنة العامة المصرية، بحسب ما ذكره صندوق النقد الدولي، في تقريره.
وبحسب الصندوق فإن هذا يتطلب تعديلات أكبر في أسعار الوقود المحلية للوصول بها إلى 100% من سعر تكلفة توفيرها في السوق.
وكانت الحكومة رفعت أسعار الوقود 3 مرات منذ تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016، كان أخرها الشهر الماضي، لتصل أسعار بيع المواد البترولية للمستهلكين، إلى نحو 73% من التكلفة الفعلية قبل الضريبة، بحسب بيانات الصندوق.
وتعهدت الحكومة للصندوق برفع أسعار الوقود مجددا للوصول إلى 100% من التكلفة بحلول 15 يونيو 2019.
وبحسب السويفي فإن تأثير ارتفاع أسعار البترول العالمي، سيؤثر على عجز الموازنة العامة، والذي سيرتفع في حال ارتفعت أسعار البترول عالميًا.
وحددت وزارة المالية سعر برميل البترول في موازنة العام الجاري، عند مستوى 67 دولاراً لبرميل خام برنت، مقارنة بـ55 دولاراً في موازنة العام المالي الماضي، إلا أن أسعار البترول العالمية تشهد حالياً موجة صعود، وصلت به فوق مستوى 75 دولارًا، وقد تصل به إلى مستويات تتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل.
“كل دولار زيادة في أسعار البترول عالميًا عن السعر الذي تقدره الحكومة في الموازنة العامة، يكلف الحكومة 4 مليارات جنيه”، وفقًا للسويفي.
وتقول رصوى إن الأمر سيتوقف على قدرة الدولة على تحمل تكلفة هذه الزيادة، كما أن هذه التكلفة سيتحملها فيما بعد المستهلك مع تحرير سعر الوقود خلال العام المقبل، بحسب ما تخطط الحكومة لذلك.
وتستهدف الحكومة خفض عجز الموازنة إلى 8.4% في العام المالي 2018-2019، مقابل 9.8% في العام المالي الماضي، وتحقيق فائض أولى بنسبة 2% لأول مرة منذ سنوات طويلة.
مخاوف أخرى
وحذر الصندوق من أي تباطؤ في الإصلاحات التي قد تقضي ما على حققه برنامج الإصلاح الاقتصادي، لكنه أشار إلى أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ البرنامج بقوة.
كما حذر الصندوق من أن تدهور الوضع الأمني في مصر قد يعطل الانتعاش اللافت في السياحة، والتي تعد أكبر الداعمين لاستمرار تحسن أداء الاقتصاد المصري، خلال الفترة المقبلة.
وانتعشت حركة السياحة في مصر خلال عام 2017 بعد زيادة أعداد السياح القادمين من عدة مناطق منها الأسواق الأوكرانية والصينية، والهولندية والعربية، رغم استمرار حظر السياحة الروسية لمصر.
ورفع الصندوق توقعاته لإيرادات السياحة في مصر خلال العام المالي الجاري لتصل إلى 11.2 مليار دولار، بدلًا من 7.2 مليار دولار كان يتوقعها الصندوق في تقرير المراجعة الثانية في يناير الماضي.