الرئيسية / أهم الأخبار / أخبار عالمية / اسرائيل تستخدم القوة المميتة بحق الفلسطنيين السلميين

اسرائيل تستخدم القوة المميتة بحق الفلسطنيين السلميين

سلطت مجلة “فورين آفيرز” الأمريكية الضوء على إصابة مئات من الفلسطينيين في قطاع غزة على الحدود مع إسرائيل في إطار ما أطلق عليه المنظمون “مسيرة العودة”.

وقالت المجلة الأمريكية إن الهدف الرئيسي من تنظيم الاحتجاجات الأسبوعية هو جذب الانتباه الدولي إلى التأثير الكارثي للحصار الذي تقوده إسرائيل على غزة ومحنة اللاجئين الفلسطينيين، تزامنًا مع احتفالات إسرائيل بالذكرى السنوية السبعين لإقامة دولتهم يوم 15 مايو المقبل.

“تحدي الاحتلال”
وأكد التقرير أن أغلبية المظاهرات اتسمت بالسلمية، وكان معظم القتلى أو الجرحى من قبل القوات الإسرائيلية غير مسلحين، بما في ذلك الأطفال والعديد من الصحفيين، حيث قُتل ما لا يقل عن 45 فلسطينياً وأصيب عدة آلاف بجروح على أيدي القوات الإسرائيلية منذ أن بدأت الاحتجاجات في 30 مارس الماضي.

ونوهت المجلة الأمريكية إلى أن الاحتجاجات السلمية تشبه إلى حد كبير اضطرابات الصيف الماضي في القدس الشرقية بعد تراجع إسرائيل عن تركيب أجهزة الكشف عن المعادن والكاميرات في المسجد الأقصى بعد موجة من الاضطربات والاعتصامات وأعمال العصيان المدني من قبل المقدسيين الفلسطينيين.

وأوضح التقرير أن ظهور حركات الاحتجاج ذات الطابع السلمي يعد تحولا في السياسة الفلسطينية للسكان في غزة والقدس، الذين لطالما أهملتهما عملية السلام والقيادة الفلسطينية، لكن ظهورهم المفاجئ في السياسة الفلسطينية الراكدة قد تكون أخباراً سيئة بالنسبة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، بل وحتى آفاق حل الدولتين.

“حصار غزة”
لسنوات، ركزت عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة طاقاتها على نحو 40 في المائة من الضفة الغربية التي تعمل فيها السلطة الفلسطينية، وفق التقرير الذي أوضح أن “غزة والقدس الشرقية” قد أصبحتا نقطة اشتعال منتظمة من الاضطرابات الفلسطينية لأن حماس تحكم قبضتها على قطاع غزة، أما القدس فتمثل قضية بالغة الحساسية بالنسبة لإسرائيل.

وبحسب التقرير، تسبب الحصار الإسرائيلي المفروض، إلى جانب ثلاث حروب متتالية، في إحداث فوضى باقتصاد غزة وبنيته التحتية المخصصة للمدنين منذ عام 2007، حيث يعيش حوالي 39 في المائة من الفلسطينيين البالغ عددهم مليوني نسمة في فقر مدقع مع اعتماد 80 في المائة من السكان على المعونات الغذائية الدولية من أجل بقائهم.

وأضاف التقرير أن نقص في المياه النظيفة والوقود في غزة، علاوة على عدم كفاية الخدمات الصحية والتعليمية، جعل القطاع غير قابل للسكن، مشيرًا إلى تلوث 97 في المئة من إمدادات المياه، التي تصل إلى سكان القطاع، ملوثة بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، ووفقاً للأمم المتحدة.

على الرغم من أن الأزمة الإنسانية الحالية هي في المقام الأول نتيجة للحصار الإسرائيلي، حسب التقرير، لكن سياسات حماس، التي حكمت غزة منذ عام 2007، والسلطة الفلسطينية ساهمت بشكل كبير في تدهور الأوضاع، علاوة على الانشقاق المستمر بين حركتي “فتح وحماس”، حيث أدى تقليص حكومة “رام الله” لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية وتغذية المدفوعات التي تزود القطاع بالكهرباء إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأثارت مخاوف من نشوب صراع آخر.

“تهويد القدس”
وبشأن مدينة القدس المحتلة، ذكرت المجلة الأمريكية أن إسرائيل استخدمت حيلا ماكرة لعزل المدينة المحتلة، كما هو الحال مع قضية اللاجئين، فقد تم تأجيل مصير القدس، بما في ذلك الجزء الشرقي من المدينة التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بموجب اتفاقات أوسلو، لاسيما وأن السلطات الإسرائيلية عملت على معاملة السكان الفلسطييين بشكل منفصل وغير متساوي في جميع جوانب الحياة تقريبا، بما في ذلك الضرائب والإسكان والتعليم والمياه والخدمات الصحية وحقوق الإقامة.

ولفت التقرير إلى حرمان السكان الفلسطينين من الخدمات، حيث يعيش حوالي 300 ألف فلسطيني في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي. بالإضافة إلى كونها معزولة ماديا عن الضفة الغربية والمجزأة داخليا من قبل المستوطنات الإسرائيلية والجدار العازل.

وتؤكد المجلة الأمريكية أن الفلسطينيين في القدس يحصلون على 12 بالمائة فقط من ميزانية البلدية برغم أنهم يشكلون حوالي 38 بالمائة من سكان المدينة، في الوقت نفسه، فإن الحملة الصارمة التي تقوم بها إسرائيل على المؤسسات السياسية والمدنية والثقافية الفلسطينية في المدينة، بحسب المراقبون، تركت المقدسيين الفلسطينيين “أيتام سياسيين بلا قيادة”.

“ابتعاد السلطة الفلسطينية”
وأشار التقرير إلى لجوء فلسطينيين إلى النهج السلمي في غزة والقدس باعتباره تحدي دقيق يواجه السلطات الإسرائيلية، مؤكدًا أن اعتماد إسرائيل على القوة المميتة، بما في ذلك استخدام القناصة الإسرائيليين، ضد متظاهرين غير مسلحين في الغالب، أثار انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان الدولية والإسرائيلية والدبلوماسيين الأجانب.

وخلصت المجلة الأمريكية إلى أن الاستجابة الإسرائيلية العنيفة تشير إلى أنها غير مجهزة للتعامل مع تعبئة لاعنفية من قبل الفلسطينيين، في حين أن حركة “حماس” لم تقم ببدء الاحتجاجات، لكنها استغلتها بمهارة، وذلك جزئيا لصرف الانتباه عن تزايد الإحباط الشعبي من فشل حكومتها داخل غزة.

في الوقت نفسه، تشكل المظاهرات في غزة تحديا مزدوجا للرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، ورغم أن حماس سارعت إلى استغلال الاضطرابات، فقد اضطرت إدارة عباس إلى المراقبة من الخطوط الجانبية. لم يكن أمام مسؤولي السلطة الفلسطينية خيار سوى التعبير عن التضامن الرسمي مع مواطنيهم في غزة، لكنهم ما زالوا يتهمون حماس في آن واحد باستغلال الشعب الفلسطيني باستهتار لتحقيق مكاسب سياسية.

ووفقًا لـ”فورين آفيرز”، يبدو أن هناك عدم قبول متبادل بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسكان قطاع غزة، حيث لايبتعد الفلسطينيين في غزة عن قيادة عباس بل عن جدول أعماله السياسي أيضاً. ومن بين أولئك الذين تخلوا عن حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، علمًا بأن ثلثي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يفضلون استقالة عباس، لكن في قطاع غزة، يبلغ هذا الرقم 81 في المائة.

واختتم التقرير بالقول: “على الرغم من أن الولايات المتحدة والكثير من المجتمع الدولي قضوا سنوات في التركيز على الضفة الغربية، إلا أن مفتاح الحل السلمي والدولة الفلسطينية قد يكمن في تلك المناطق التي استبعدت طويلاً من عملية السلام. ولكي تكون عملية السلام ذات مصداقية، ستحتاج إلى التركيز على إعادة دمج غزة والقدس الشرقية في النظام السياسي الفلسطيني”.