الرئيسية / العام / الانتفاضة تهز دعائم حكم مبارك … والجيش قد يتولى زمام الامور

الانتفاضة تهز دعائم حكم مبارك … والجيش قد يتولى زمام الامور

القاهرة، من توم بيري- رويترز – هزت الانتفاضة الحاشدة ضد حكم الرئيس المصري حسني مبارك الدعائم المدنية لحكمه متمثلة في قوات الشرطة والحزب الحاكم والجهاز الإعلامي.

فالضربات التي تلقتها المؤسسات الثلاث تجعل من الأصعب على حكومة مبارك التمتع بنفس القدر من السيطرة الذي كانت تتمتع به قبل بضعة أسابيع فقط. وللجيش الآن قول فصل في مصير البلاد وذلك للمرة الأولى منذ عقود.

وما زال ظهور قوات الشرطة غير منتظم بعد ما يقرب من أسبوعين من اختفائها تاركة فراغا أمنيا أفسح المجال أمام جرائم السلب والنهب. وأقيل وزير الداخلية ويجري استجوابه.

واستقال يوم السبت الماضي جميع أعضاء هيئة مكتب الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بمن فيهم سياسيون خدموا في عهد مبارك لسنوات طويلة. ومع ترك مبارك للسلطة في سبتمبر أيلول على الأكثر يتساءل البعض هل سيتمكن الحزب من البقاء.

كما أن مصداقية الجهاز الإعلامي الشديد الولاء لمبارك اهتزت بقوة. فمحاولاته المتكررة لتجاهل الانتفاضة التي شلت البلاد أو إساءة تفسيرها أفقدته المصداقية لدى كثير من المشاهدين الذين يتابعون القنوات الفضائية.

وتوقف اثنان على الأقل من العاملين في المجال الإخباري عن العمل.

وبالنسبة للمحتجين بميدان التحرير فإن الخطوات التي اتخذت مع الحزب الوطني الديمقراطي وتغيير وزير الداخلية لا تمثل سوى خطوات تكتيكية لامتصاص الغضب العام.

لكن داخل الحكومة ذاتها يمثل رحيل مسؤولين خدموا لسنوات طويلة في عهد مبارك ابتعادا جذريا عن الماضي.

في القاهرة يرى كثيرون أن التغيرات تظهر أن دور مبارك تضاءل بالفعل. وزاد من ذلك الإحساس الدور المحوري الذي يبديه نائب الرئيس.

يقول مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة “هناك انطباع عام بأن قوات الأمن تفككت. ونفس الشيء بالنسبة للحزب الوطني الديمقراطي.”

ويضيف “بتفككها تركت الساحة السياسية خاوية تقريبا إلا من القوات المسلحة لتستعيد الوضع الذي كانت عليه في بداية ثورة 1952 .”

وعلى مدى ثلاثة عقود لعبت وزارة الداخلية والحزب الوطني الديمقراطي دورا أساسيا في تشكيل حكم مبارك. فالحزب كفل سيطرة مبارك على البرلمان والوزارة ضمنت سيطرته على الشارع من خلال تنفيذ قانون الطوارئ الذي كتم أصوات المعارضة.

وشغل حبيب العادلي منصب وزير الداخلية على مدى 13 عاما إلى أن أقيل بسبب الأحداث الأخيرة. وجاءت استقالة صفوت الشريف يوم السبت الماضي كأمين عام للحزب الوطني الديمقراطي مع بقية أعضاء هيئة مكتب الحزب بعدما ظل في قلب الحكومة لعقود.

وتحشد المؤسستان قواهما كل خمس سنوات خلال الانتخابات البرلمانية إذ تلجأ الشرطة للقوة لمساعدة مرشحي الحزب الوطني على ضمان الفوز في الدوائر التي يواجهون فيها معارضة تتمثل أساسا في الإخوان المسلمين.

ظل الحزب رمزا للمحسوبية والفساد والتلاعب في الانتخابات. أما الشرطة فكانت رمزا للوحشية. وسمعة الاثنين معا تفسر قدرا كبيرا من الغضب الذي أثار احتجاجات لم يسبق لها مثيل على حكم مبارك.

أشعلت النيران في مقار الحزب الوطني الديمقراطي في أماكن مختلفة من البلاد. ومع ترك مبارك للسلطة بحلول سبتمبر أيلول على الأكثر يعتقد البعض أن الحزب قد يحل.

أما بالنسبة للشرطة فقد قال عمر سليمان نائب الرئيس إن خروجها من حالة الفوضى التي حلت بها في الأيام التي أعقبت اندلاع الاحتجاجات في 25 يناير كانون الثاني قد يستغرق بضعة أشهر.

وشكلت إقالة العادلي هزة قوية في حكومة يندر بها التغيير.

يريد المصريون أن يعرفوا لماذا غاب رجال الشرطة عن الشارع في الأيام الأولى من الاحتجاجات. فقوات الأمن ربما عجزت عن التصدي لقوة المتظاهرين لكن كثيرين يرون أن اختفاء العناصر الأخرى من جهاز الشرطة الضخم كان مؤامرة لإحداث حالة من الفوضى وانعدام الأمن.

فما من تفسير بعد على سبيل المثال لسماح حراس السجون لعدد غير معلوم من السجناء بالهرب.

يقول صفوت الزيات وهو ضابط سابق بالقوات المسلحة المصرية وخبير بالشؤون الأمنية “تدور أحاديث كثيرة عن مؤامرة… وعن أن هذا كان متعمدا.”

ازدادت وزارة الداخلية قوة في عهد مبارك وعمل بها أكثر من مليون شخص بينهم مخبرون وإداريون وعاملون بأجهزتها الأمنية المتعددة. وارتفعت مكانة الداخلية خلال حملة مصر على المتشددين الإسلاميين في التسعينات.

وفي مقابلة تلفزيونية أذيعت قبل أيام انتقد سليمان أداء الشرطة بقوة وقال إنه سيحقق لمعرفة ما حدث. وحينما سئل عن عدم إعادة انتشار قوات الشرطة رد بتساؤل “من الذي قال لهم ألا يعودوا؟”

كما أشار سليمان في حديثه إلى الأثر السلبي الذي تركته مجموعة من رجال الأعمال على الحكومة.

وقاد جمال مبارك نجل الرئيس المصري الأصغر وأحد الشخصيات التي غادرت الحزب الوطني مسعى لإصلاح الحزب وتعزيز صورته بين الجماهير. وأثار صعوده السريع داخل الحزب تكهنات بأنه يجري إعداده لتولي الرئاسة.

وضعف هذا الافتراض عندما عين مبارك سليمان نائبا له. وسليمان – مثله مثل مبارك- شخصية عسكرية ويفترض على نطاق واسع أنه يحظى بدعم الجيش.

ورغم أن كل رؤساء مصر جاءوا من المؤسسة العسكرية منذ الإطاحة بالملك فاروق عام 1952 لم يلعب الجيش دورا بارزا في الشؤون الداخلية منذ حرب 1967 . والآن ومع انهيار ركائز حكم مبارك يبدو الجيش كمن يمسك بزمام القوى بين المحتجين والحكومة. ويحاول الجيش حتى الآن أن يتخذ موقف الحياد. وقال الزيات “الحياد موقف ذكي.”

وأضاف “الجيش ينتظر نتيجة الحوار بين ما تبقى من المؤسسة الحاكمة والتنظيمات السياسية والحركات الاحتجاجية.

“إذا لم يتوصلوا لاتفاق يرضي الشارع المصري… فقد يتصرف الجيش إن شعر أن الأمور تتدهور.”

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *