الرئيسية / أهم الأخبار / أخبار عالمية / الوضع يتفاقم بين روسيا والغرب بسبب انعدام الثقة

الوضع يتفاقم بين روسيا والغرب بسبب انعدام الثقة

قالت مجموعة الأزمات الدولية إن اعتماد نهج جديد في العلاقات بين روسيا والغرب لا يبدو متاحا في الوقت القريب، لذا على الجانبين فتح قنوات لتجنب المواجهات في مناطق تتقاطع فيها مصالحهم، مشيرة إلى انعدام الثقة المتبادل بينهما ووصول مستوى العلاقات إلى فترة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.

في تحليل كتبته ماجدولينا غرونو، مديرة برنامج أوروبا ووسط أسيا في مجموعة الأزمات الدولية ونشرته قبل يومين على موقعها الإلكتروني، تحت عنوان “صور منعكسة: المواجهة بين موسكو والعواصم الغربية”، قالت غرونو إن العلاقات بين روسيا والغرب تمر بمرحلة محفوفة بالمخاطر، مدللة على ذلك بموقف الجانبين من القضايا الرئيسية الراهنة مثل مستقبل شبه جزيرة القرم الأوكرانية والحروب الدائرة في شرق أوكرانيا وسوريا، حيث التفاوت واضح في المواقف.

أضافت الكاتبة أن انعدام الثقة أبعد من تفسيرات الجانبين للأحداث الجارية في أماكن تتقاطع فيها مصالحهما، بل يمتد إلى قضايا وجودية. وتنقل عن أحد المسؤولين البارزين في موسكو قوله “إذا كانت هذه مجرد مسألة روايات، فهذا أمر واحد.” وتشير إلى أن تقييم ذلك المسؤول سوداوي: فالغرب يعتقد أن روسيا ليس لديها الحق في الوجود داخل حدودها الحالية، ويريد تدميرها.

يتحدث مسؤولون روس اخرون عن نفس الشيء، وإن كان بلغة أخف. ففي مارس، أصدر السيناتور أندريه كليموف تقريراً يزعم فيه أن الدول الغربية أنفقت مليارات الدولارات لإضعاف ثقة الجمهور في النظام السياسي الروسي من خلال الدعاية ووكلاء ذوي نفوذ، بما في ذلك منظمات غير حكومية ومبادرات تعليمية.

قالت غرونو إن تقريره البرلماني الروسي كان بعبارة أخرى نموذجا لتحقيقات المشرعين الغربيين حول المؤامرات الروسية المفترضة لتخريب الديمقراطية العالمية.

أضافت أن موسكو غارقة في حكايات عزلتها الخاصة. فالحديث فيها هذا الربيع كان عن مقال كتبه فلاديسلاف سوركوف، مساعد الرئيس فلاديمير بوتين، عنوانه بالروسية “عزلة الشخص الهجين”. يجادل سوروكوف في مقاله بأن روسيا، غير القادرة على إيجاد مكان لها في أوروبا أو أسيا، عليها أن تتخلى عن سعيها المضلل للانتماء إلى أي من القارتين، ورسم، بدلا من ذلك، مسار جيوسياسي فريد.

أشارت مديرة برنامج أوروبا ووسط أسيا في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن الولايات المتحدة، من ناحيتها، بقدر ما تشعر من قلق إزاء علاقاتها مع روسيا، مستهلكة في تحقيقات العلاقات بين موسكو وحملة دونالد ترامب الرئاسية. الاتحاد الأوروبي -رغم أن وحدته موضع تساؤل دائم -حتى الآن بعيد عن التمسك بموقف متسق من الحذر تجاه روسيا.

وقالت إن الشكوك المتبادلة تنطوي على المواجهة الجيوسياسية طويلة المدى في العديد من النقاط الساخنة المحتملة حيث لا يريد أي طرف أن يبدو ضعيفًا. وقالت إن حوارات مع محاورين روس وغربيين في موسكو تشير إلى صعوبة تجنب المواجهة -لكن في المقابل يمكن إدارة مخاطرها المفزعة، بحسب وصفها.

نصر بوتين الساحق
في جزء من التحليل تتحدث الكاتبة عن الانتخابات الرئاسية الروسية التي حقق فيها بوتين فوزا ساحقا، وبنسبة إقبال بلغت 67.5 في المئة بشكل فاقت توقعات حتى الكرملين نفسه. تقول غرونو إن الانتخابات أثبتت في جزء منها أن بوتين يتمتع بدعم معتبر، حتى لو ساعدت في ذلك الآلة الإعلامية الضخمة التابعة للدولة والتي يطلق عليها الروس “التكنولوجيات السياسية”، التي تغلق الطريق أمام بدائل الرئيس.

بيد أن قضية الجاسوس الروسي السابق سكريبال التي تعرض للتسميم في بريطانيا هو وابنته، أثارت الناخبين الروسي، حسبما تقول الكاتبة. فالبريطانيين تعاموا مع القضية في باعتبارها حالة استخدام لسم أعصاب العسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ثم قاموا مع عدد من الحكومات الغربية الأخرى بطرد العشرات من الدبلوماسيين الروس في عقوبات استبقاية ضد روسيا.

تصور وسائل الإعلام الروسية هذه القضية على أنها استفزاز غربي ومؤشر آخر على جدول أعمال مناهض لروسيا. يبدو أن العديد من الناخبين الروس قد وافقوا على هذه القراءة، بحسب التحليل.

قالت الباحثة لدى مجموعة الأزمات الدولية إنه الدلائل عشية تنصيب بوتين لفترة رابعة تشير إلى ميل موسكو نحو مسار السياسة الداخلية والخارجية الحالي. ووفقاً لخبير روسي في السياسة الخارجية، يرى الكرملين أن الانتخابات هي بمثابة تأييد قوي لنهجه، حتى لو كان هناك كثيرون يتطلعون بالفعل إلى عام 2024، عندما تنتهي ولاية بوتين النهائية في ظل توقعات بألا يخوض السباق مرة أخرى.

لفتت إلى أن موسكو ستواصل البحث عن دور مرموق في عالم متعدد الأقطاب، مع وجود مناطق تأثير محددة. ونقلت عن مسؤول روسي قوله إن موسكو ستعمل أيضا على إنشاء “نظام إشارات بين الشركاء يذكر الجميع بالقواعد الموثوقة للحرب الباردة”.

وقالت إن “تجنب فقدان الوجود على المسرح العالمي سيبقى من المبادئ الأساسية للكرملين، الذي يقتنع الناشطون السياسيون فيه بأن الاستقرار الداخلي يمكن أن يتضرر إذا ما تراجعت عن روسيا خطوطها الحمراء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط.”

تحدثت ماجدولينا غرونو عن أن التشكيل الجديد لحكومة بوتين، المقرر إعلانه أوائل مايو، يمكن أن يعطي تلميحات حول شكل السياسة الداخلية في الأعوام القادمة. فمعظم الخبراء الروس يوافقون على أنه من غير المرجح إحداث إصلاحات هيكلية -لاسيما التحولات الاقتصادية التي كان الليبراليون يمنون أنفسهم بأنها قد تكون أساسا لعلاقات أقوى مع الغرب.

يرى الكرملين-بحسب التحليل- عدم وجود حاجة تذكر لهذه الإصلاحات. فالاقتصاد تعرض لضربات بسبب العديد من العقوبات -منها تلك المرتبطة بغزو روسيا لشبه جزيرة القرم وتدخلها في شرق أوكرانيا إلى العقوبات الأمريكية مؤخرا والمرتبطة بجهود روسيا للتدخل في الانتخابات الرئاسية في 2016.

مع ذلك، في أواخر أبريل، كان لدى البنك المركزي الروسي احتياطيات تزيد عن 460 مليار دولار، وكما قال أحد المحللين الروس لمجموعة الأزمات الدولية، فإنه “مليء بالأشخاص الأذكياء الذين يعرفون كيفية استخدام (الأموال) لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد”.

مواجهة ممتدة
تنطلق غرونو في هذا الجزء من التحليل إلى ما تقول إن الخبراء الروس والدبلوماسيين الغربيين يتفقون على أن الحد من التوتر أمر ذو أهمية قصوى، مشيرة إلى مقاربة تتمثل في إعادة التفاوض على المبادئ التي تحكم الشؤون الدولية ومن ثم، وفقا لهذه المبادئ، معالجة الخلافات حول سوريا وأوكرانيا والتخريب الانتخابي المزعوم.

أما المقاربة الثانية فهي العمل على إحراز تقدم بشأن مشكلة محددة – خاصة شرق أوكرانيا – وتطبيق الزخم الإيجابي في أزمات أخرى، بحسب التحليل.

يرى الروس والغربيون على حد سواء أن كلا الخيارين هو أهداف طويلة الأمد، ويرجع ذلك جزئيا إلى الافتراضات الأساسية المتباينة وإلى حد ما إلى محدودية قدرة ومدى الدبلوماسية؛ فالغربيون ليس لديهم اتصالات تذكر مع المسؤولين في الكرملين الذين يتخذون معظم القرارات – ولهم بعض الاتصالات مع وزارة الخارجية الأكثر تقدماً والأقل نفوذًا.

ترجح الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية أن تعوق الاختلافات في المضمون أي من هذين النهجين، حتى مع وجود الآليات الدبلوماسية الصحيحة. النهج الأول، الذي قد يوصف بأنه سيناريو “الصفقة الكبيرة”، قد يتضمن إحياء منطق مناطق النفوذ، وأنظمة التحكم في التسلح.

وقالت إن الكثير من الروس قد يرحبون بهذه الخطوة تجاه استعادة المكان “السليم” لبلادهم في الشؤون الدولية، على عكس الكثير من الغربيين الذين يرون صعوبة شديدة في المراجعة التي تشتد الحاجة إليها لنظم ضبط التسلح.

والأهم من ذلك، أن معظم الدبلوماسيين الغربيين يقولون إن المبدأ القائل بأن جميع الدول يحق لها اتخاذ خيارات سيادية أمر غير قابل للتفاوض -لذا فإن منطق مناطق النفوذ لا يعمل كبداية.

يجادل الخبراء الروس بأن الغرب بحاجة لأن يكون أكثر صدقية بشأن حدود مبادئه، مشيراً إلى أن واشنطن ستعترض بالتأكيد، على سبيل المثال، على دخول فنزويلا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا.

علاوة على ذلك، وفيما يتعلق بأوروبا، تستبعد إجراءات روسيا السابقة، بما في ذلك ضمها لشبه جزيرة القرم، مناقشة مبادئ جديدة. تقول غرونو إن موسكو انتهكت من جانب واحد المبادئ التي وافقت عليها من قبل، مثل مبادئ هلسنكي والمبادئ الواردة في ميثاق باريس.

بدورها تقول موسكو إن الغرب انتهك من جانب واحد قواعد أخرى قبل فترة طويلة من شبه جزيرة القرم، على سبيل المثال، في كوسوفو والعراق وليبيا، بحسب التحليل.

ترى الباحثة أن انعدام الثقة المتبادل يقف عائقا جوهريا أمام أي “صفقة كبرى” جديدة: فكما أوضح أحد الدبلوماسيين الأوروبيين في موسكو أنه حتى لو أمكن للجانبين الاتفاق على طريقة للمضي قدما، فإن الأوروبيين يخشون من أن الروس قد يعيدون تعريف مصالحهم سعيا وراء تنازلات أكبر.

لفتت غرونو إلى أن انعدام الثقة أضر بالفعل بمناقشات من شأنها أن تؤسس لإحياء نظم السيطرة على التسلح بين الغرب والروس.

وأخيرا، هناك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما تقول المحللة.

نقلت غرونو عن مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي قوله إن جيران روسيا الموالين للغرب، على وجه الخصوص، ينظرون بحذر إلى ميل ترامب نحو صفقة كبرى مع موسكو، بالنظر إلى نهجه في السياسة الخارجية الذي يصعب التنبؤ به.

ويضيف المسؤول أن هذه المخاوف قائمة رغم تطمينات وزارة الخارجية الأمريكية بأن واشنطن سوف تتمسك بمبدئها القائم على دعم الخيارات السيادية لكل البلدان الأوروبية.

قال المسؤول إن إحدى الدول المجاورة لروسيا أشارت بوضوح إلى مشكلات حال أظهرت الولايات المتحدة دلائل على اتباع نهج صفقة كبرى أو تقليص دعمها للدول التي اختارت أن توالي الغرب مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا.

هل من مخرج؟
يقول تحليل مجموعة الأزمات الدولية إن الخيار الثاني يبدو أنه غير مرجح لعدة أسباب، وذلك بالنظر إلى استخدام التقدم في أزمة دونباس في شرق أوكرانيا كأداة لفتح حوار في مناطق أخرى.

واعتبرت غرونو أن اتفاق مينسك يعد إطار عمل واضح لتسوية النزاع في أوكرانيا، بيد أنه لا موسكو ولا كييف مهتمة بالوفاء بشروط الاتفاق.

ووفقا للتحليل، ترى موسكو أن الوضع الحالي غير مكلف إلى حد كبير لسمعتها أو لمواردها المالية حتى للتراجع عن مطلبها بأن تضم أوكرانيا الأراضي التي يسيطر عليها وكلاء الكرملين في مقابل منحهم استقلالاً واسع النطاق.

يقول الروس الذين شاركوا في مفاوضات مينسك إن الغرب سيدعم أوكرانيا مهما فعلت، حتى لو حاولت سحق المتمردين في الشرق بالقوة، وهذا يعني أن موسكو ليس لديها أية خيارات سوى البقاء متورطة سياسيا وماليا في دونباس.

في هذه الأثناء، لا تمانع كييف في إعادة دمج سكان دونباس، خاصة في ظل هشاشة مؤسساتها واقتصادها. بينما تتحمل موسكو المسؤولية الأساسية عن الصراع وتستمر في تقويض أمن أوكرانيا، فإن انعدام اهتمام كييف الواضح في تنفيذ اتفاق مينسك -التي تفتقر أيضا إلى رؤية لإعادة دمج دونباس – يأتي لصالح روسيا، بحسب غرونو.

وترجح الكاتبة أن موسكو وكييف في طريقهما إلى تبني سياسات أكثر تشددا. ونقلت عن مستشار للإدارة الروسية قوله إن موسكو تتمتع بإمكانية الاعتراف الرسمي بالكيانات الانفصالية في دونباس كدول مستقلة-وهي خطوة مضمونة لتعطيل الحوار المحدود والمستمر على غرار مينسك.

وقال إن العقوبات الأمريكية الجديدة – أحدث جولة فرضتها واشنطن كانت في 6 أبريل – تجعل عقوبات دونباس باهتة.

وفقا للتحليل، قد تكون الفكرة مصممة لتحفيز الغرب على أخذ مخاوف روسيا في الحسبان. لكن حتى هذا لا يترك مساحة كبيرة للحوار البناء. وبالمثل، في كييف، تتراوح الخيارات المتشددة، التي تطرح بشكل متزايد في القطاعين العام والخاص، من عزل مناطق الصراع إلى عمليات نشر عسكرية أكثر حزما.

يعتقد مراقبون أن هذه اللغة المتشددة ترتبط بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2019، حيث يتنافس السياسيون للحصول على الدعم من الدوائر الانتخابية الوطنية الرئيسية، ويعتقدون أنها ستظل مجرد كلام.

قد يكون الأمر على هذا النحو، لكن مثل هذه المشاعر لها تأثير مروع على عملية السلام، كما يصعب الرجوع إليها مرة أخرى بمجرد إطلاق العنان لها، بحسب التحليل.

ما الذي يمكن عمله؟
قال أحد مستشاري الكرملين إنه تعرض لضغوط شديدة من أجل الخروج بأفكار حول كيفية تضييق الفجوة الروسية-الغربية: “عندما تكون 50 درجة مئوية بالخارج، كيف يمكنك الجلوس ولعب الشطرنج، عندما تعرف جيدا أن تحريك البيدق لن يفعل شيئا لخفض درجة الحرارة؟”.

قد يكون على حق، تقول غرونو، فالرئيس بوتين باق في السلطة لست سنوات. وأي خليفة له قد يكون أكثر قومية منه، لذا لا يجب على الغرب الركون إلى الصبر الاستراتيجي. لكن روسيا أيضا لا يجب أن تركن إلى ذلك النوع مع الصبر، لأن الغرب من غير المرجح أن يبتعد عن خطوطه الحمراء.

أوضح مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي أن المخاوف الوجودية وراء المواقف القوية للدول الأعضاء في الاتحاد، حتى إذا لم يكن هناك تنسيق يذكر عبر الأطلسي بشأن روسيا في هذه الأيام.

قال المسؤول “إذا كان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يعتبرون روسيا شريكا محتملا للمشاكل في سوريا، على سبيل المثال، فإن عددا من رؤساء الدول يعتبرونها تهديدا لأنظمتهم السياسية الداخلية -وهذا ما يبقي الوحدة أقوى مما يعتقده كثيرون.”

قالت الباحثة في الشؤون الروسية والأوروبية إن العواصم الغربية وموسكو عليها، عوضا عن ذلك، أن تختار الحد من المخاطر، وتسعى حيثما أمكن لتقليل إمكانية المواجهة العسكرية غير المتعمدة التي يمكن أن تخرج عن السيطرة.

لفتت إلى أهمية الاتصالات العسكرية-العسكرية بين المسؤولين الروس والغربيين في معالجة المخاطر الفورية لاشتباكات عرضية في مسارع النزاعات. وقالت إن الجانبين على دراية كاملة بهذه الحاجة، كما أكد مسؤول روسي ودبلوماسي من بلد في حلف الناتو.

وأضافت أنه عندما تكون هناك مخاطر في الأفق فإن هناك أهمية لاتصالات على مستوى سياسي رفيع لتجنب سوء الفهم؛ كان اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الروسي بوتين قبيل الضربات الجوية على سوريا مثالا ممتازا على تلك الاتصالات. كما يجب أن تكون هناك قنوات دبلوماسية منخفضة المستوى.

قالت مديرة برنامج أوروبا ووسط أسيا في مجموعة الأزمات الدولية إن على الغرب أن يتعامل مع روسيا من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية، من دون التراجع عن مبادئه. كما يجب على موسكو من ناحيتها، أن تطرح شواغلها على الشركاء الغربيين مع الوضع في الاعتبار أن هناك كثيرين في الغرب لا يستطيعون التمييز بين مصالحها (روسيا) الحقيقية أو مخاوفها، ومواقفها، التي كانت أحيانًا مخادعة، كما هو الحال في مشاركة روسيا في دونباس.

أضافت أن على الغرب أن يتمسك بخطوطه الحمراء الخاصة بقضايا على غرار التدخل في دونباس أو الاستخدام المزعوم لغاز أعصاب عسكري في أوروبا، مع فهم أن قادة روسيا من المرجح أن يتمسكون أيضا بخطوطهم الحمراء.

أشارت ماجدولينا غرونو إلى أن معاقبة القادة الروس للانتهاكات الواضحة للقانون الدولي أو الأعمال العدائية الصريحة أمر معقول، رغم أن موسكو سوف تجادل بدون شكل بالانتهاكات الغربية للقانون الدولي، كما هو الحال في العراق الذي دمر دون عقاب.

ودعت غرونو الغرب ألا يرفع جزئياً العقوبات المفروضة على روسيا بسبب دونباس مقابل تقدم جزئي ولكن يصعب قياسه نحو السلام، مضيفة أن أي عدوان روسي آخر محتمل في أوكرانيا، أو جيران روسيا الآخرين، قد يأتي بالمزيد من العقوبات.

“لكن على الغرب أن يضع أي تدابير تقييدية جديدة بعناية. العقوبات التي لا رجعة فيها أو غير محددة المخاطر من شأنها أن تدفع الشعب الروسي نحو عقلية دفاعية أكثر، وتعزيز المشاعر المعادية للغرب.”

وتابعت أن الغرب أيضا يجب عليه الضغط على موسكو وكييف من أجل إحراز تقدم في دونباس. يجب على موسكو أن تتوقف عن تدخلها في شرق أوكرانيا، ولكن يتعين على كييف أيضا أن تقبل بحدوث تحرك في اتفاق مينسك. كما يجب على القوى الغربية دفع كييف إلى الخروج برؤية لأوكرانيا موحدة توفر لكل الناس الذين يعيشون في الشرق مستقبلاً في الدولة التي أعيد دمجها، دون أن تقوض تماسكها.

ختمت الكاتبة تحليلها بالقول إنه لا يوجد تقارب روسي غربي في الأفق. لكن حتى تعود روح التعاون، يجب على موسكو والعواصم الغربية إيجاد طرق لخفض المخاطر وإدارتها. يجب أن تبقي القنوات مفتوحة، خشية أن تتسع الفجوة بين وجهات النظر العالمية بالشكل الذي لا يمكن ردمها.