الرئيسية / دنيا ودين / من هم الأشاعرة ؟

من هم الأشاعرة ؟

يُثار بين الحين والآخر اتهام الأزهر والمؤسسات الدينية الرسمية بأنها على مذهب الأشاعرة، وأن منهجها يُخالف منهج أهل السّنة والجماعة، ودلل البعض بآراء علماء وشيوخ في رمي الأشاعرة بالبُعد عن منهج الدين القويم، ما يثير جدلاً يحمل الطعن في العقيدة والتضليل لمنهج جَمْهرة علماء الأمة عبر العصور.

في رده على سؤال: “من هم الأشاعرة؟ ولماذا الأزهر الشريف أشعري؟” قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية إن الأشاعرة هم غالب أهل السنة والجماعة فهم يمثلون أكثر من 90% من المسلمين، وعلى مذهب الأشاعرة كان كبار علماء أهل السنة، ومنهم الإمام الأشعري، والإمام الجويني، و الإمام الباقلاني، والإمام ابن حجر، والإمام الرازي، والإمام الغزالي، والإمام ابن عساكر، والإمام العز بن عبد السلام، والإمام النووي، والإمام البيضاوي، والقاضي عياض وغيرهم الكثير؛ ولهذا فمذهب الأزهر الشريف وعلمائه هو المذهب الأشعري، كما أنه مذهب جمع بين الأخذ بالعقل والنقل في فهم وإثبات العقائد، وهو مذهب قائم على تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق بجلاله سبحانه وتعالى.

فيما جاءت إجابة أمانة الفتوى بدار الإفتاء على سؤال: “ما رأيكم فيما يفعله بعض الوهابيين من رمي الأشاعرة بالخروج عن أهل السنة والجماعة؟ بهذا النص:

إن رمي الأشاعرة بأنهم خارجون عن دائرة أهل السنة والجماعة غلط عظيم وباطل جسيم؛ لما فيه من الطعن في العقائد الإسلامية المرضية والتضليل لجمهرة علماء الأمة عبر العصور، وهم الذين حفظ الله تعالى بهم هذا الدين.

فمثل هذا الكلام لا يُعَوَّل عليه ولا يُلتَفت إليه؛ فلا يزال السادة الأشاعرة هم جمهور العلماء من الأمة، وهم الذين صَدُّوا الشبهات أمام المَلَاحِدَةِ وغيرهم، وهم الذين التزموا بكتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر التاريخ، ومَنْ كفَّرهم أو فسَّقهم أو شكَّك في عقيدتهم فإنه يُخْشَى عليه في دينه.

وقد سئل الإمام ابن رشد الجد المالكي عن حكم منتقص السادة الأشاعرة في “فتاواه” (2/ 802، ط. دار الغرب الإسلامي)، وهذا نص السؤال والجواب:

[ما يقول الفقيه الأَجَلُّ أبو الوليد -وصل الله توفيقه وتسديده، ونهج إلى كل صالحة طريقه- في أبي الحسن الأشعري، وأبي إسحاق الإسفراييني، وأبي بكر الباقلاني، وأبي بكر بن فورَك، وأبي المعالي، ونظرائهم ممن ينتحل علم الكلام، ويتكلم في أصول الديانات، ويصنف للرد على أهل الأهواء؟ أَهُمْ أئمةُ رشادٍ وهداية؟ أم هم قادة حيرة وعماية؟ وما تقول في قوم يسبونهم، وينتقصونهم، ويسبون كل من ينتمي إلى علم الأشعرية، ويكفرونهم، ويتبرؤون منهم، وينحرفون بالولاية عنهم، ويعتقدون أنهم على ضلالة وخائضون في جهالة؟ فماذا يقال لهم، ويُصْنَع بهم، ويُعْتَقَد فيهم؟ أيُتْرَكون على أهوائهم أم يُكَفُّ عن غلوائهم؟

فأجاب رحمه الله: تصفحت -عصمنا الله وإياك- سؤالك هذا، ووقفت على الذين سميتَ من العلماء، فهؤلاء أئمة خير وهدًى، وممن يجب بهم الاقتداء؛ لأنهم قاموا بنصر الشريعة، وأبطلوا شُبَه أهل الزيغ والضلالة، وأوضحوا المشكلات، وبينوا ما يجب أن يُدان به من المعتقدات، فهم بمعرفتهم بأصول الديانات العلماءُ على الحقيقة؛ لعلمهم بالله عز وجل، وما يجب له، وما يجوز عليه، وما ينتفي عنه؛ إذ لا تُعْلَم الفروع إلا بعد معرفة الأصول، فمن الواجب أن يُعْتَرَفَ بفضائلهم، ويُقَرَّ لهم بسوابقهم؛ فهم الذين عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ».

فلا يَعتَقِد أنهم على ضلالة وجهالة إلا غبي جاهل، أو مبتدع زائغ عن الحق مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق، وقد قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.. [الأحزاب : 58].

فيجب أن يُبَصَّرَ الجاهلُ منهم، ويُؤَدَّبَ الفاسقُ، ويُسْتَتابَ المبتدعُ الزائغ عن الحق إذا كان مستسهلًا ببدعة، فإن تاب وإلا ضُرِب أبدًا حتى يتوب؛ كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصَبِيغ المتهم في اعتقاده مِنْ ضَرْبه إياه حتى قال: “يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد دوائي فقد بلغت مني موضع الداء، وإن كنت تريد قتلي فأجهز عليَّ”، فخَلَّى سبيله، واللهَ أسأل العصمة والتوفيق برحمته. قاله محمد بن رشد].

والله سبحانه وتعالى أعلم.